03 ديسمبر 2024 | 02 جمادى الثانية 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة بتاريخ 16 من رمضان 1436هـ الموافق 3/7/2015م اللهمَّ اجْعَلْ هذا البلدَ آمِناً

30 يونيو 2015

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 16 من رمضان 1436هـ الموافق 3/7/2015م

اللهمَّ اجْعَلْ هذا البلدَ آمِناً

إِنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ وَنستَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، وَنعوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنا وَمِنْ سَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهدُ أنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عَبْدُهُ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليْهِ وعلَى آلِهِ وأصحابِهِ وأتباعِهِ إلى يومِ الدِّينِ.

أمَّا بعدُ:

فَيَاعِبادَ اللهِ: اتَّقوا اللهَ وراقِبُوهُ في السِّرِّ والعلانِيَةِ، وَاخْشَوْهُ حقَّ خَشْيَتِهِ في سائِرِ الأوقاتِ والأَزْمِنَةِ المُتَتالِيَةِ، وَاشْكُرُوهُ علَى ما أَنْعَمَ علَيْكمْ مِنَ النِّعَمِ المُتَوالِيَةِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ  [فاطر:3].

الأَمْنُ وَالاسْتِقْرارِ والاِطْمِئْنانِ –يَا عِباد اللهَ- تَنْشُدُهُ المجتمعاتُ البَشَرِيَّةُ، وتتسابَقُ إِلى تَحْقِيقِهِ السُّلُطاتُ بِكُلِّ إِمْكاناتِهَا؛ لأَنَّهُ يحفظُ البِلادَ والْعِبادَ في مَعاشِهِمْ ومعادِهِمْ، ويحفظُ النَفْسَ والعِرْضَ والعَقْلَ والمالَ والدِّينَ، وقَدِ امْتنَّ اللهُ بِهِ علَى عبادِهِ، فقالَ جلَّ جلالُهُ: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [قريش:3-4]، وفِي دُعاءِ إِبْراهيمَ عليهِ السَّلامُ:  رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ  [البقرة:126]، الأَمْنُ والإِيمانُ قَرِينانِ مُتَلازِمانِ لِانْتِظامِ أُمورِ الدِّينِ والدُّنْيا، قالَ تعالَى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ  [الأنعام:82].

عِبادَ اللهِ:

إِنَّ مُحاوَلَةَ زَعْزَعَةِ أَمْنِ المجتمعِ تُعَدُّ جريمةً كُبْرَى وخِيانَةً عُظْمَى، وَضَرْباً مِنْ ضُروبِ الظُّلْمِ والْبَغْيِ والعُدْوانِ، وصُورةً مِنْ صُوَرِ الفَسادِ والطُّغْيانِ، قالَ تعالَى: وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا  [الأعراف:56]، وقالَ عزَّ وجلَّ:  إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ  [يونس:81].

أيُّها المسلمونَ:

إِنَّ ما حَدَثَ مِنْ تَفْجِيرٍ: سَفَكَ الدِّماءَ، وَقَتَلَ الأَبْرِيَاءَ، وَتَنَاثَرتِ الأَشْلاءُ لإِثارةِ الْفِتْنَةِ الْعَمْياءِ -أَمْرٌ مُسْتَنْكَرٌ، وجريمَةٌ إرهابِيَّةٌ فَتَّاكَةٌ، فَجَعَتْ كُلَّ ذِي دِينٍ ومُروءَةٍ، بَلْ كُلَّ ذِي عَقْلٍ وَإِنْسانِيَّةٍ؛ لأَنَّه عَمَلٌ جَبانٌ إِجْرامِيٌّ غَادِرٌ، وَفِعْلٌ تَخْرِيبِيٌّ، وَتَصَرُّفٌ أَرْعَنٌ لَا يُقِرُّهُ دِينٌ وَلا عَقْلٌ وَلا مَنْطِقٌ، وَهُوَ بِكُلِّ المَقايِيسِ أَمْرٌ مُحَرَّمٌ، وَفِعْلٌ مُجَرَّمٌ، وَتَصَرُّفٌ مَرْذُولٌ مَقْبُوحٌ، وسابِقَةٌ خَطِيرَةٌ، ونَازِلَةٌ مُسْتَطيرَةٌ، إِذْ يستَهْدِفُ الآمِنِينَ المُصَلِّينَ الصائِمينَ في شَهْرِ الرَّحْمَةِ والمغْفِرَةِ والعِتْقِ، جَريمَةٌ رَوَّعَتِ الآمِنينَ في مَشْهَدٍ مَهُولٍ وَفَظيعٍ، قالَ تعالَى:  وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93].

عِبادَ اللهِ:

إِنَّ مَنْ حَمَلَ السِّلاحَ لِتَرْوِيعِ الآمِنينَ قَدِ ارْتكبَ مُحَرَّماً، قَالَ : «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا» [رواهُ البخارِيُّ من حديثِ عبدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا].

وَفِي روايةٍ لِمُسْلِمٍ مِنْ حَديثِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ : «مَنْ سَلَّ عَلَيْنَا السَّيْفَ فَلَيْسَ مِنَّا».

إِذا كانَ تَرْوِيعُ المسلمِ وحَمْلُ السلاحِ عليهِ مُحَرَّماً، فكيفَ بِمَنْ قَتَلَ أَوْ شاركَ أَوْ تَسبَّبَ فِي جَرْحِ وَقَتْلِ الأَبْرِياءِ الآمِنينَ؟!.

أَلَمْ تَقْرَعْ أسماعَ هؤلاءِ الشِّرْذِمَةِ نُصوصُ الوَعِيدِ والتَّهْديدِ وَالتَّرْهيبِ عَنْ مِثْلِ هَذهِ الْجَريمَةِ المُرَوِّعَةِ الَّتِي هِيَ قَرِينَةُ الإِشْراكِ باللهِ؟!، أَيْنَ هُمْ مِنْ حدِيثِهِ : «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» [رواه البخارِيُّ مِنْ حديثِ نُفَيْعِ بْنِ الحَارِثِ الثَّقَفِيِّ ]، وَقَوْلِهِ : «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ» [رواه البخارِيُّ من حديثِ عبدِاللهِ بْنِ مسعودٍ ]، وقولِهِ: «لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا» [رواهُ البخارِيُّ مِنْ حديثِ عبداللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا]، وقولِهِ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ» [أخرجَهُ الترمذِيُّ والنسائِيُّ مِنْ حديثِ عبدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي اللهُ عَنْهُمَا].

أَيُّها المسلمونَ:

نَشْكُو بَثَّنا وحُزْنَنا مِنْ نَائِبَةٍ أَغْرَارٍ وَشِرْذِمَةٍ أَشْرَارٍ، وَحُدَثَاءَ أَسْنَانٍ، وَسُفَهَاءَ أَحْلَامٍ، رَكِبُوا رُؤُوسَهُمْ، وَافْتَأَتُوا علَى وُلَاةِ أمْرِهِمْ وعُلمائِهِمْ، ورَضُوا بِأَنْ يَكونُوا عَبِيداً لِمَنْ يُوَجِّهُهُمْ إِلَى الشَّرِّ والفَسادِ بِاسْمِ الدِّينِ؛ والدِّينُ مِنْهم بَرَاءٌ، لَقَدْ هامُوا زَهْواً وَتِيهاً وَغُرُوراً، فَأَحْدَثُوا فِتَناً وفَواجِعَ وشُرُوراً، خَرَقُوا سِيَاجَ أَمْنِنَا بالنَّسْفِ وَالتَّدْمِيرِ والتَّخْرِيبِ والتَّفْجيرِ، وَأَنَّى لَهُمْ ذَلِكَ؟! فَالْعَيْنُ السَّاهِرَةُ علَى راحَتِنَا وَوَحْدَةِ أبناءِ البِلادِ والْمُقِيمِينَ علَى هذِهِ الأرْضِ سَتكونُ لَهُمْ بِالْمِرْصادِ؛ لِلْحِفاظِ علَى أَمْنِ وَاسْتِقْرارِ الْبِلادِ، وَلَنْ يُجْدِيَ الصَّمْتُ والتَّغاضِي بَلِ الحَزْمُ لِاجْتِثاثِ جُذورِ الفِكْرِ الأُحَادِيِّ المُنْحَرِفِ، وَالقَضَاءِ عَلَى فَيْروسِهِ وَجُرْثُومَتِهِ القاتِلَةِ.

والحمدُ للهِ الَّذي يَسَّرَ القَبْضَ عليهِمْ، وَشُكْراً لِرجالِ الأَمْنِ الَّذينَ ضَحُّوا بالغالِي والنَّفِيسِ مِنْ أَجْلِ عَوْدَةِ الأَمْنِ والأَمانِ فِي رُبُوعِ دِيارِنا الآمِنَةِ، وعَزَاؤُنا الْمُخْلِصُ وَدَعَواتُنا ومُوَاساتُنَا لِذَوِي المُتَوَفَّيْنَ، رَحِمَ اللهُ أَمْواتَكُمْ وكَتَبَهُمْ فِي عِدادِ الأَبْرارِ، وَعَجَّلَ بِشِفاءِ المَرْضَى والمُصابِينَ والجَرْحَى، ولَا أَرَى اللهُ البِلادَ والعِبادَ أَيَّ سُوءٍ ومَكْرُوهٍ، وحَفِظَ لِبِلادِنا المُبَارَكَةِ أَمْنَها وَإِيمانَها، فَلَنْ تَزِيدَها تِلْكَ الأَعْمَالُ الإِجْرَامِيَّةُ إِلَّا تَماسُكاً وثَباتاً والْتِفافاً حَوْلَ قِيادَتِها وعُلَمائِهَا، وشاهَتْ وُجُوهُ المُعْتَدِينَ، قالَ تعالَى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا  [آل عمران: 103].

أَيُّهَا المسلمونَ:

إِنَّ دِينَنا دِينُ حَقٍّ وسَماحَةٍ وإِصْلاحٍ وتَعْمِيرٍ، لَا دِينَ عُنْفٍ ولا تَدْمِيرٍ ولا تَفْجِيرٍ، وهذِهِ الظُّروفُ تَتَطلَّبُ مِنَّا جَميعاً الصَّبْرَ والمُصابَرَةَ، وتَوْحِيدَ الكَلِمَةِ وَوَحْدَةَ الصَّفِّ، والتَّاريخُ شَاهِدٌ علَى أَنَّ حَبْلَ العُنْفِ والإِرْهابِ قَصِيرٌ، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَالْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً.

يَارَعاكُمُ اللهُ: لَقَدْ تَسلَّطَ هَؤُلاءِ المُجْرِمونَ الْمُفْسِدونَ فِي الأَرْضِ علَى عِبادِ اللهِ الآمِنينَ المُطْمَئِنِّينَ، وَرَوَّعُوهُمْ بَلْ وسَفَكُوا دِماءَهُمْ ظُلْماً وعُدْواناً وغَدْراً وخِيَانَةً.

إِنَّ الجُرْأَةَ علَى حُدُودِ اللهِ والتَّساهُلَ فِي أَمْرِها إِنَّما هُوَ جُرْأَةٌ علَى مَحارِمِ اللهِ عَزَّ وجلَّ، وَتَلاعُبٌ بِشَرْعِ اللهِ، وخُروجٌ عَنِ الطَّاعَةِ، لَقَدْ آلمَنَا وَأَقَضَّ مَضَاجِعَنَا ما قامَتْ بِهِ هذهِ الفِئَةُ الباغِيَةُ الدَّخِيلَةُ -عَلَيْهَا مِنَ اللهِ مَا تَسْتَحِقُّهُ- مِنْ أَعْمالٍ إِجْرامِيَّةٍ لَا تَمُتُّ إِلى الإِسلامِ بِصِلَةٍ، جُرِّدُوا مِنْ إِنْسانِيَّتِهِمْ، وَانْتَكَسَتْ عُقُولُهم، وَزَيَّنَ لهمُ الشَيْطانُ أَعْمَالَهم، وَتنَكَّرُوا لهذِهِ البِلادِ المُبارَكةِ وما تَقُومُ بِهِ مِنْ جُهودٍ خَيِّرَةٍ، وَأعْمَالٍ مَشْكُورَةٍ لِخِدْمَةِ الإسلامِ ونُصْرَةِ قَضَايا المسلمينَ فِي كُلِّ مَكانٍ، وهَذا يَنِمُّ عَنْ حِقْدٍ دَفِينٍ، وَسُمٍّ زُعَافٍ يُكَادُ لِهذَا الدِّينِ وهَذِهِ البلادِ الطَّيِّبَةِ الكَرِيمَةِ،  بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ  [سبأ:15]،  رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا  [إبراهيم:35]، أَقولُ ما تسمعونَ وأَستَغْفِرُ اللهَ لِي ولكمْ ولِلِمسلمينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاستَغْفِروهُ إِنَّهُ هُوَ الغفورُ الرَّحيمُ.

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ ربِّ العالَمِينَ، والعاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ، ولا عُدْوانَ إِلَّا علَى الظَّالِمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنا ونَبِيَّنا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وأتباعِهِ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ هَذِهِ الأحداثَ مَهْما كَانَتْ جَسَامَتُها لَنْ تَزِيدَ مُجْتَمَعَنا وللهِ الحَمْدُ إِلَّا تَماسُكاً وتَرابُطاً وَتَلاحُماً، ضِدَّ هذِهِ الطُغْمَةِ الفاسِدَةِ ومَنْ ورَاءَهَا مِنَ الأعْداءِ المُتَرَبِّصينَ، إِنَّهم يُريدُونَ زَعْزَعَةَ الأمْنِ وانْتِهاكَ الحُرُماتِ وإِتْلافَ المُمْتَلكاتِ، وإِزْهاقَ الأَنْفُسِ البَرِيئَةِ ضَارِبينَ بِأحْكامِ الشَّريعَةِ وَآيِ القرآنِ الكريمِ والسُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ خَلْفَ ظُهورِهِمْ، وقَدْ أظْهَرَ اللهُ خِزْيَهُمْ، وبَيِّنَ عُوَارَهُمْ، فالواجِبُ عَلَيْنا أَنْ نَقِفَ صَفّاً وَاحِداً، وصَوْتاً واحِداً، كُلٌّ مِنْ قِبَلِهِ وَمِنْ مَوْقِعِهِ، قالَ تعالَى: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّـةً وَاحِدَةً وَأَنَـا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ  [الأنبياء:92]، وَأَنْ نُعْلِنَ جَمِيعاً أَنَّنا أَبْرِيَاءٌ مِنْ هَذِهِ الأَفعالِ الشَّنِيعَةِ، وَأَنَّ الإِسلامَ بَرِيءٌ مِنْ مُرْتَكِبِيهَا، وَأَنْ نَكونَ علَى بَيِّنَةٍ مِنْ خُطَطِ الأعْدَاءِ، ونكونَ علَى حَذَرٍ وَيَقَظَةٍ تَامَّةٍ لِمَا يُحاكُ لَنَا، وَأَنْ نَلْتَفَّ حَوْلَ قِيَادَتِنَا الرَّشِيدَةِ وَعُلَمائِنَا الرَّبَّانِيِّينَ ودُعَاتِنَا الشَّرْعِيِّينَ، ونَكونَ عَوْناً لِلْجَميعِ فِي أَداءِ أَعْمالِهِمْ بِمَا يعودُ علَى بِلادِنَا وَأَمْنِنَا بِالْخَيْرِ وَالصَّلاحِ، مُتَعاوِنِينَ علَى البِرِّ والتَّقْوَى، والتَّكاتُفِ والتَّعاوُنِ مَعَ رِجالِ الأَمْنِ، كُلٌّ علَى حَسَبِ قُدْرَتِهِ وَاسْتِطَاعَتِهِ فِي الْكَشْفِ عَنْ هَذِهِ الْفِئَةِ، وغَيْرِهَا مِنَ الخَلايَا الإِجْرامِيَّةِ المُتَرَبِّصَةِ، ومَنْ يَتَسَتَّرُ عَلَيْهِمْ وَيقِفُ وَرَاءَهُمْ وَيُؤْوِيهِمْ ويَتَعاطَفُ مَعَهُمْ، وَلْنَتَذَكَّرِ الحَدِيثَ الشَّرِيفَ «لَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثاً» [رواهُ النَّسائِيُّ وصحَّحهُ الألبانِيُّ مِنْ حديثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ]، حتَّى تُكْشَفَ مُخَطَّطاتُهُمْ، وَيُقْضَى علَى بُذُورِ الشَّرِّ والفَسَادِ، وَتَسْلَمَ مِنْهُمُ البِلَادُ والْعِبَادُ.

وعَلَيْنا أَنْ نُرَبِّيَ أَبْنَاءَنَا تَرْبِيَةً حَسَنَةً، وَرِعايَةً سَلِيمَةً؛ فَالتَرْبِيَةُ والتَّعْلِيمُ أَصْلَانِ عَظِيمانِ فِي تَنْشِئَةِ الْجِيلِ، قَالَ تَعَالَى:  وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ  [آل عمران: 79].

وَقَالَ : «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عَذَّبَهُ اللَّهُ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَديثِ ثَابتِ بْنِ الضَّحَاكِ الأَنْصَارِيِّ ]، وَقالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا» [رواهُ الإمامُ مسلمٌ مِنْ حديثِ أبي هُرَيْرَةَ ].

عِبادَ اللهِ:

هذِهِ الفِئَةُ الباغِيَةُ المُجْرِمَةُ لا تُرِيدُ للدِّين نُصْرَةً، ولَا لِلأُمَّةِ ظَفَراً، بَلْ تُريدُ زَعْزَعَةَ الأَمْنِ وتَرْوِيعَ الآمِنينَ، وقَتْلَ المُسْلِمينَ، والسَّعْيَ فِي الأَرْضِ فَساداً.

أَيُّها الأحِبَّةُ:

لَقَدْ ضَرَبَ صَاحِبُ السُّمُوِّ أميرُ البلادِ أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ فِي المَحَبَّةِ وَالتَّعاوُنِ وَالمَسْؤُولِيَّةِ عِنْدَما تَرَجَّلَ سَيَّارَتَهُ فَوْرَ سَماعِ الْخَبَرِ المُحْزِنِ لِيَطْمَئِنَّ علَى أبْنَائِهِ، وَتَبِعَهُ سُمُوُّ وَلِيِّ الْعَهْدِ فِي مِثَالِ الأُبُوَّةِ الرَّحِيمَةِ، وهُوَ يَطْمَئِنُّ علَى المُصابِينَ، ويَتَقَدَّمانِ الْعَزَاءَ، وتَوْفِيرَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَجْلِ عَوْدَةِ الأَمْنِ والاِسْتِقْرارِ، وَسَلامَةِ الْجَمِيعِ، فَجَزاهُمُ اللهُ خَيْراً.

وَضَرَبَ الشَّعْبُ الكويتيُّ والمُقِيمُونَ عَلَى هذِهِ الأَرضِ الطَّيِّبَةِ مِثَالاً للتَّلاحُمِ والتَّعاوُنِ والسَّمْعِ والطَّاعَةِ مِنْ أَجْلِ عَوْدَةِ الأَمْنِ وَرَد ِّكَيْدِ الأَعْدَاءِ فِي نُحُورِهِمْ.

وَعَلَيْنا جَمِيعاً تَقْوَى اللهِ وَالمُبَادَرَةُ بِالتَّوْبَةِ مِنَ الذُّنُوبِ والمعَاصِي، والْحِرْصُ والْيَقَظَةُ والعَزِيمَةُ فِي الدِّفاعِ عَنْ دِينِنَا أَوَّلاً، ثُمَّ عَنْ بِلادِنا ضِدَّ هؤلاءِ الضَّالِّينَ، سَدَّدَ اللهُ خُطَى القَائِمينَ علَى أَمْنِ البلادِ، وأَعانَهُمْ علَى كُلِّ خَيْرٍ.

اللَّهُمَّ حَقِّقْ أَمْنَنَا، واحْفَظْ علَى المسلمينَ أَمْنَهُمْ واسْتِقْرارَهُمْ، اللَّهُمَّ اجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ علَى القُرْآنِ والسُّنَّةِ،  اللَّهُمَّ بَصِّرْهم بِمُخَطَّطاتِ أَعْدائِهِمْ، واسْلُكْ بِهِمُ السَّبِيلَ الأَقْوَمَ ياذَا الجلالِ والإِكْرَامِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضاهُ، وخُذْ بِناصِيَتِهِمْ لِلْبِرِّ والتَّقْوَى، واجْعَلْ عَمَلَهُمْ فِي رِضَاكَ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضانا وَمَرْضَى المسلمينَ، وارْحَمْ مَوْتانا وَمَوْتَى المسلمينَ ياذا الْجَلالِ والإِكْرامِ، واشْمَلِ الْجَمِيعَ يا رَبَّ العالَمِينَ بالرَّحَماتِ وَغُفْرَانِ السَّيِّئَاتِ وَالعِتْقِ مِنَ النِّيرانِ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ صَامَ وقَامَ رَمَضانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً فَغَفَرْتَ لَهُ ذَنْبَهُ.

لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة ودروس الإمام

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت